ماذا عن حركة حماس ... المقاومة؟

يكفي النظر فقط في وجه إسماعيل هنية هو نفسه.. عندما كان يخاطب الحشود بعد
تحرير الأسرى في فلسطين.. تلك الثقة بالنفس.. ويكفي النظر إلى وجهه منذ
بضعة أيام في مصر.. عندما أعلن وقوفه الى جانب ما يسمى بالثورة السورية..
لا يجب أن نكون ضليعين في علم الفراسة لندرك أن تلك الثقة إنعدمت.. لندرك
أن
في وجهه اليوم غيرها الكثير..


لمحاولة أن نفهم موقف حماس
الطارئ.. علينا أن نتوقف قليلاً أمام غيرها من محطات الماضي الغير بعيد..
آخرها تلك المصالحة الفلسطينية.. يدرك الجميع أنها تمت بين حركتي فتح وحماس
بخفة الساحر.. لم تعم الاحتفالات أرجاء البلاد.. لم تذهب وفود العرب إلى
القاهرة للتهنئة والتبريك.. لم يفهم الفلسطينيون أنفسهم ماذا حصل فجأة..
إرتابهم الشك في صدقيةٍ ما.. يعرفون جيداً الفروقات الشاسعة بين الحركتين..
يدركون صعوبة تحقيق هذه المصالحة.. يستشعرون ألغامها.. ويسألون ماذا هناك
وراء الكواليس.. ومن أخرج هذه المسرحية..؟


سبق ذلك حدثٌ في
غزة.. قتل فيه المناضل الإيطالي فيتوريو أريغوني على يد مجموعة مسلحة.. ما
أخرج إلى الأضواء صراعٌ خفي بين حماس والجماعات السلفية داخل غزة.. قامت
الحركة بعدها بإثبات سيطرتها على القطاع عبر الإقتصاص من المتهمين بقتل
الصحفي.. لم تكن الحركة سلفيةً في خيارها هذا.. كانت حماس..


قبلها
بأمدٍ ليس بعيد.. أضاءت قضية البطل المحرر سامي شهاب على الكثير من خفايا
التعاون العسكري بين المقاومة الإسلامية في لبنان والحركة في غزة.. وأثبتت
أن حماس حركة المقاومة المسلحة جزءٌ من محور الممانعة.. وإن كانت حلقته
الأضعف.. تدرك حماس ذلك.. وتعرف جيداً خطورة التحول.. تعرف أن خياراتها كانت
محدودة.. وأنها بعد حيادٍ دام أكثر من عشرة أشهر اتخذ مكتبها السياسي لا
العسكري قرارها.. لا يمكننا مقاربة خيارها إلا بالهدوء والروية.. والإستناد
على ما أثبته تاريخها حتى هذه اللحظة الحاسمة.. بأنها إمتداد محور
الممانعة من إيران إلى فلسطين.. لا يمكن ان نحكم على موقفها هذا إلا من هذه
الزاوية.. بعيداً عن أي طرحٍ إيديولوجي أو طائفي.. فحماس لم تعتمد يوماً
على دعم الاخوان المسلمين.. لم يخرج هؤلاء في المظاهرات المليونية تنديداً
بحرب غزة ليقلبوا حكم العميل مبارك في ٢٠٠٨.. ولم تسكت على جريمة الجماعات
السلفية.. هذه الجماعات التي تبشر اليوم قاطفي أزهار ما يسمى بالربيع
العربي في تونس وليبيا ومصر.. بالكثير من الأشواك.. حماس إلتزمت الحياد حتى
الأمس القريب في الأزمة السورية.. وهذا ما صعب على فعله الكثيرون.. لم
تقطع الجمهورية الإسلامية في إيران علاقتها بالحركة ولم يفعل النظام السوري
الصامد ذلك.. رغم كل ما حصل.. وحماس نفسها تعيش العديد من الخلافات
الجوهرية حول ما يجري.. إختار كوادرها الآن كتمان ذلك.. لأنه أهون الشرين..


علينا
أن نستذكر الدروس.. المغرضون ينتقدون شعب المقاومة في لبنان اليوم بعبارة
شكراً قطر.. لقد إستعجلنا بالأحكام.. وينتقدون شعب المقاومة أيضاً بالتحالف
المفروض مع المتقلب وليد جنبلاط.. أدعو أن نعرف أن الحركة ليست ملكاً
لهنية أو لمشعل.. أدعو ألا نسمح للأعداء بفك العلاقة بين حماس وبين محور
الممانعة بهذه السهولة.. وأن نصبر عليها كما صبرنا على جنبلاط رغم أنه هذا
الأخير ليس أهلاً بذلك.. أدعو أيضاً أن نحافظ على الحذر منها وهذا ما لم
نفعله مع أمير قطر.. لكن ألا نستعجل الأحكام قبل أن نعرف الخلل..


عندما
يقول مشير المصري النائب عن حماس في تصريحات خاصة لإحدى الصحف أن سويسرا
رفعت الحركة من قوائم التنظيمات الموجودة على لائحة الإرهاب لديها..
فإعلموا أن حساباً مصرفياً هاماً واحداً على الأقل.. قد فتح هناك.. والكل
يعلم ماذا تعني حسابات سويسرا المصرفية