أول ما خلق الله نور نبيكم صلى الله عليه وآله :::

أول ما خلق الله نور نبيكم صلى الله عليه وآله :::

الرواية الشريفة المروية في كتاب : حلية الابرار للسيد هاشم البحراني (رضوان الله عليه) ، مسندة عن مولانا الباقر ، قال (عليه السلام) : كان الله ولا شيء غيره ، فأول ما ابتدأ من خلق خلقه ان خلق محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وخلقنا اهل البيت معه من نور عظمته ، فأوقفنا اظلة خضراء بين يديه ، نسبح الله ونقدسه ونحمده ونعبده حق عبادته ، ثم بدا لله ان يخلق المكان فخلقه وكتب على المكان "لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، علي امير المؤمنين ووصيه به أيدته وبه نصرته" ...
اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين . كما انه يوجد هناك آدم هو اول من خلقه الله (سبحانه وتعالى) من البشر في هذه النشأة وهي النشأة الظاهرة ، النصوص أكدت على انه يوجد ايضاً في عالم الغيب وفي عالم الملكوت ان هناك أول ما خلقه الله وأول من خلقه الله ، الذي خلقه الله أولاً من البشر في عالمنا ، هو الذي يسمى آدم وهو نبي من الانبياء ولكنه ليس نبي من انبياء اولو العزم { وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا } ، ولكنه أول ما خلق الله وما أوجد الله في ذلك العالم الذي اصطلح عليه القرآن الكريم تارة بعالم الامر، واخرى بعالم الملكوت ، وثالثة بعالم الباطن ، ورابعة بعالم الغيب ، أول ما خلق في ذلك العالم هو نور الخاتم (صلى الله عليه وآله) ، يعني نحن عندما نضع يدنا في عالمنا هذا نجد ان أول من خلقه الله من البشر هو آدم ابو البشر الذي هو أول نبي من الانبياء ، ولكنه عندما نضع يدنا على أول ما خلق لا فقط من خلق ، أول ما خلق أي لم يخلق قبله شيء ، لا انس لا سماوات ولا ارض ، بخلاف آدم ابو البشر، لانه أول من خلق يعني من البشر هو أول مخلوق ، وإلا قبله توجد سماوات وارض ومخلوقات اخرى ، ولكن من البشر هو أول ما خلقه الله ومن خلقه الله من البشر ، فهو ابو البشر ، فهو أول من خلق من البشر ، ولكن نور الخاتم وحقيقة الخاتم وباطن الخاتم ، وغيب الخاتم ، الله (سبحانه وتعالى) أول ما خلق هو نور نبيكم (صلى الله عليه وآله) ، من هنا لابد ان نميز وقد ميّز العرفاء جيداً واهل المعرفة جيداً في مباحثهم في العرفان النظري ، ميزوا جيداً بين آدم الملك الذي هو آدم ابو البشر ، وبين آدم الذي هو آدم الملكوت ، آدم ذلك العالم لا آدم هذا العالم ، وقلنا بانه منصب على اول ما خلق بلحاظ ذلك العالم لا بلحاظ هذا العالم ، ثم بيّنا الفروق الموجودة بين هذا العالم وبين ذاك العالم . قلنا من أهم الفروق الموجودة بين هذين العالمين هو ان الاولية هنا ليست دليلاً على الاشرفية والافضلية ، بخلاف الاولية في ذلك العالم ، فان الاول أشرف من الثاني ، والثاني أشرف من الثالث وهكذا بحسب التسلسل ، بعبارة اخرى ان الاول والثاني هنا بحسب الزمان ، والتقدم والتأخر بحسب الزمان لا يعطي الافضلية والاشرفية وعدم ذلك ، أما بخلاف الاولية والافضيلة في ذلك العالم (عالم الغيب) فانه بحسب الرتب الوجودية ، بحسب مراتب الشرف الوجودي ، فالاول هو أشرف بالنسبة لمن يأتي بعده، فلذا كما قلنا في حديث سابق، قال جابر سأل النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) : يا رسول الله أول ما خلق ما هو ؟ فقال : يا جابر اول ما خلق نور نبيكم ثم خلق منه كل خير ، وهذا يكشف اساساً ان الاول افضل من جميع من يأتي ما بعده ومن بعده ، ثم حاولنا ان نشير الى الادلة واولاً وقفنا عند الادلة والنصوص الروائية من طرق الفريقين ، وبيّن العلّامة الاميني (قدس الله نفسه) في كتابه المهم : الغدير ، قال : تواترت النصوص الصحيحة على ان الله (سبحانه وتعالى) ، اول ما خلق هو النبي محمد (صلى الله وعليه وآله) ، كما يقول (صلى الله عليه وآله) :كنت نبياً وآدم بين الماء والطين . ثم بينا هذه الحقيقة الثالثة ، قلنا لا فقط ان النبي (صلى الله عليه وآله) الروايات تثبت اوليته هناك ، بل تثبت نبوته هناك ، تقول : كنت نبياً وآدم بين الماء والطين ، وبينا رابعاً ، قلنا ان هذه النبوة ليست هي النبوة المرتبطة بعالمنا وهي نبوة التشريع ، وهي نبوة الامر والنهي ، وانما هي نبوة مرتبطة بعالم الغيب ، بعالم الملكوت ، بعالم الباطن التي ترتبط بالانباء بالمعارف الالهية ، لذا ينبغي ان نلتفت جيداً ان النبوة هنا من أهم وظائفها هي مسائل التشريع وبيان الحلال والحرام والمعارف ، اما هناك النبوة ليست هي نبوة تشريع ، يعني نبوة أمر ونهي وصوم وعبادة والى غير ذلك ، وانما لها بعد آخر تنسجم مع تلك العوالم ، او ينسجم مع ذلك العالم .
انا ابين هنا نقطة ان نلتفت اليها وهي : القضايا القرآنية او المعارف القرآنية ، نحن عندما نأتي نجد ان بعض المعارف القرآنية تطرح في مواضع متعددة ، ومرات متكررة ، وتضاء في نصوص كثيرة في الآيات القرآنية، ولذا من باب قاعدة ان القرآن يفسر بعضه بعضا وينطق بعضه ببعض، في الواقع نستطيع ان نستأنس بمجموع هذه الآيات للوصول الى المراد والى تلك القضية التي يريدها القرآن الكريم. ولكن هناك جملة من المعارف في القرآن الكريم لم ترد إلا لمرة واحدة ، من قبيل قوله تعالى { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ } ، مسألة الكرسي لم ترد في القرآن الكريم إلا في هذه الآية من سورة البقرة ، لذا في الواقع الوقوف على كل حقائق الكرسي من هذه الآية مشكل جداً ، وتحتاج الى الاستعانة ببيانات النبي وائمة اهل البيت ، مسألة الخلافة ومسألة اني جاعل في الارض خليفة ، ايضاً لم تأت في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع من سورة البقرة ، لذا انا قدمت البحث الروائي على البحث القرآني ، وإلا بمقتضى القاعدة كان ينبغي ان يتقدم البحث القرآني على البحث الروائي ، لان الرواية هي شارحة للنصوص القرآنية ، وعلى هذا الاساس نحاول (ان شاء الله تعالى) بقدر ما يمكن ، وإلا البحث طويل الذيل بامكانكم ان ترجعوا الى هذا البحث التفصيلي لهذه الآية المباركة ، وهي الآية الثلاثين من سورة البقرة وهي قوله تعالى { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً } الى ان قالت الآية المباركة { وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا } ، هذه الآية المباركة تبين لنا حقيقة ، انا أود ان المشاهد الكريم ان يلتفت الى هذه النكات، نحن أشرنا الى جملة من هذه القواعد في ابحاث سابقة، ولكن لضرورتها نضطر الى ان نعيد بعضها ، الآية المباركة قالت { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً } ، قلنا في ابحاث سابقة بانه الافعال التي تصدر عن الله (سبحانه وتعالى) ان كانت مع الواسطة فالله يعبر عنها: "انّا" ، نعم تفيد التعظيم ، ولكن ايضاً تفيد الى ان هناك وسائط يقومون بهذا الدور ، من قبيل قوله تعالى { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } ، صحيح الله (سبحانه وتعالى) بيده الامر من قبل ومن بعد ، الله (سبحانه وتعالى) بيده كل شيء، { لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ }، كل شيء بيده، ولكن هذه الآية قالت { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ }، سؤال : هل يتنافى مع قوله تعالى { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ }؟ الجواب: كلا، باعتبار انه بعض الحقائق الله (سبحانه وتعالى) او كثير من الحقائق انما نزلت على قلب الخاتم في مرتبة من مراتب وجود الخاتم بواسطة امين الوحي جبرائيل، مثلاً الاحياء كذلك، مثلاً { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }، (انا، نحن ) اشارة الى وجود وسائط بالاضافة الى النكات الاخرى، ولكن في القرآن الكريم بحسب الاستقراء ولعله استقراء قد يقول قائل انه ليس تام لكن في كثير من الموارد عندما يقول "اني" يعني انه توجد واسطة بينه وبين الفعل او لا توجد؟ الجواب:لا توجد، {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} عندما يقول خلقت بيدي يعني هذا مخلوق لله (سبحانه وتعالى) بلا واسطة، مباشرة ، هذه الآية المباركة لم تقل (واذ قال ربك للملائكة انّا جعلنا في الارض خليفة او جاعل في الارض خليفة) وانما قالت { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً }، اذن اول نكتة نستفيدها من هذه الآية المباركة من سورة البقرة هو ان هذا الخليفة سنخ موجود وجد بلا واسطة، يعني هو فعل الله بلا واسطة، وهذا هو الذي أكدته النصوص الروائية قالت: أول ما خلقت نوري ، أول ما خلق نور نبيكم وهكذا، اذن هناك عندما قال اول يعني لا توجد هناك واسطة بين الله وبين هذا الخلق الاول، هذه نقطة. النقطة الثانية في هذه الآية المباركة، الآية قالت { وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا } ، الآية المباركة بينت بانه هذا الانسان تعلم من الله (سبحانه وتعالى) مباشرة، بأي قرينة ؟ بقرينة قوله تعالى { قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ }، اذا كان الملائكة لهم دور في تعلم آدم، لا معنى، لان الله (سبحانه وتعالى) يأمر آدم ان يقول علّم او انبئ الملائكة، كما قلت في المقدمة لا اريد ان ادخل في التفاصيل، لانه بالنسبة الى آدم الآية قالت { وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء }، ولكن بالنسبة الى الملائكة الآية قالت { يَا آدَمُ أَنبِئْهُم } وليس علِّمهم، وهذا يكشف عن انهم كان فيهم استعداد وقابلية ان يتعلموا ما تعلّم هذا الموجود او لا توجد فيهم القابلية؟لا توجد فيهم القابلية، بل لا يمكنهم ان يحتملوا هذه المعارف التي احتملها آدم الذي علمه الاسماء كلها، هنا نجد ان جملة من الروايات قالت بان حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله لا نبي مرسل ولا ملك مقرّب ولا مؤمن امتحن الله قلبه للايمان، سئل الإمام امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة والسلام): يا امير المؤمنين ما الدليل على ذلك؟ قال: ألم تقرأ في قوله تعالى { وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} ...