الضبيات آل البيت الكرام
اهلا وسهلا بك في منتديات الضبيات آل البيت الكرام

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الضبيات آل البيت الكرام
اهلا وسهلا بك في منتديات الضبيات آل البيت الكرام
الضبيات آل البيت الكرام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

سحابة الكلمات الدلالية

المواضيع الأخيرة
» نصيحة هامه
( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 Emptyالسبت سبتمبر 08, 2018 7:27 am من طرف حارثة

»  إضاءات حول صلح الإمام الحسن عليه السلام
( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 Emptyالثلاثاء مايو 29, 2012 11:57 pm من طرف انصار الله

»  ‏قال رسول الله ‏(ص): إني تارك فيكم ‏ ‏الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي !
( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 Emptyالثلاثاء مايو 29, 2012 9:24 pm من طرف الضبيات آل البيت الكرام

» فضل الدفاع عن أهل البيت عليهم السلام
( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 Emptyالثلاثاء مايو 29, 2012 9:18 pm من طرف الضبيات آل البيت الكرام

» الأدلة من السنة النبوية على إمامة أهل البيت عليهم السلام
( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 Emptyالثلاثاء مايو 29, 2012 9:02 pm من طرف السيد زكريا الهاشمي

» الشجرة التى قابل عندها سيدنا إبراهيم(عليه السلام) الملائكة ..
( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 Emptyالإثنين مايو 28, 2012 7:44 pm من طرف علي سفيان الشاعري

» صورة المكان الذي دفن بـه كف العباس عليه السلامـ في كربلاء المقدسة
( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 Emptyالإثنين مايو 28, 2012 7:38 pm من طرف علي سفيان الشاعري

» زياره السيد حسن نصر لله للامام الرضاعليه السلام سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في زياره حديثه للأمام الرضا سلام الله عليه
( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 Emptyالإثنين مايو 28, 2012 7:32 pm من طرف علي سفيان الشاعري

» أسألكم الدعاء
( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 Emptyالإثنين مايو 28, 2012 7:24 pm من طرف علي سفيان الشاعري

يوليو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
293031    

اليومية اليومية

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



الأصل في آل النبي صلى الله عليه وسلم أن يكرموا ولا يهانوا ، وأن يرفعوا ولا يوضعوا،

الجمعة مايو 18, 2012 2:50 am من طرف السيد زكريا الهاشمي

( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 380843_301482333219596_175464505821380_951534_11338653_n

تعاليق: 0

مناظرة ابن رسول الله الضبياني فيصل عفيف والوهابي العمده من السعوديه

الجمعة مايو 18, 2012 2:46 am من طرف السيد زكريا الهاشمي

اخى الفاضل انا هنا سوف اتكلم كلام عام لانى انا و بصراحة لا اهتم من بعيد او قريب بموضوع الانساب لانه بصراحة ربنا لم و لن يشغل بالى فى يوم من الايام.بهذ الموضوع......الرسول الاعظم صلى الله عليه و سلم اخى بين المهاجرين و …

[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 1

الضبيات آل البيت الكرام

الأربعاء مايو 16, 2012 9:54 pm من طرف الضبيات آل البيت الكرام

( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 276296_100002712177311_641582_n

تعاليق: 1

من كنت مولاه فهذا علي مولاه

الخميس مايو 10, 2012 11:04 pm من طرف السيد زكريا الهاشمي

( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 389213_285305268230887_100002542486188_610465_822449039_n

تعاليق: 0

الشهيد معاذ فضل عبد الرحيم

الإثنين أبريل 23, 2012 8:53 pm من طرف الضبيات آل البيت الكرام

( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 540518_216047998508394_100003095855823_364636_689980472_n

( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 523977_216040921842435_100003095855823_364609_1024609121_n

تعاليق: 0

معاذ فضل عبد الرحيم

الجمعة أبريل 20, 2012 7:46 pm من طرف السيد زكريا الهاشمي

عاجل مقتل الشاب معاذ
فضل عبد الرحيم ابن التاجر فضل عبد الرحيم الضبيات في زنجبار مع انصار
الشريعه اليوم وقد لقيت الحادثه استياء كبير من قبل اهالي مدينة الضالع
بسبب تغرير الشباب من بعض المرتزقه وللعلم ان التاجر فضل عبد …

[ قراءة كاملة ]

تعاليق: 4

علي كرم الله وجهه

السبت أبريل 21, 2012 11:38 pm من طرف الضبيات آل البيت الكرام

( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 420187_372538442765130_242856925733283_1398121_1084655931_n

تعاليق: 0

اهدنا الصراط المستقيم

السبت أبريل 21, 2012 11:35 pm من طرف الضبيات آل البيت الكرام

( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 424045_376938868991754_242856925733283_1412851_1332041145_n

تعاليق: 0

اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد

السبت أبريل 21, 2012 11:16 pm من طرف الضبيات آل البيت الكرام

( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 529897_400417403310567_242856925733283_1495618_1831288020_n

تعاليق: 0


( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1

اذهب الى الأسفل

( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1 Empty ( 3 ) الامام الحسين بن علي عليه السلام ج1

مُساهمة من طرف السيد زكريا الهاشمي الأربعاء مارس 28, 2012 8:24 pm

سيرة الإمام الحسين (عليه السلام)

توطئة

إذا كان لكل حدث اصول وجذور يمتد اليها، وعلل يرتبط بها، فان حدث الحركة الحسينية (بقيادة سبط النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)) بعد منتصف القرن الأول للهجرة، هو اكثر الاحداث جذوراً، واوفرها اصولا، واعمقها عللا واسباباً.. وكذلك هي اشدها اشعاعاً واثراها ثماراً - لدى النظر الى نتائجها -.

ان كبريات الوقائع خلال عمر الانسانية تفرض على الدارسين لها التوقف الطويل عليها لبحث خلفياتها الخطيرة التي بلغت من الاهمية حداً بحيث أوجبت وقوعها.

الباحثون الانسانيون - فضلا عن الاسلاميين - يتساءلون باهتمام عن الكيفية التي آلت اليها الاوضاع، فان الاعداء الالداء لخاتم الانبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمتوغلين في الشرك يصبحون له فيما بعد خلفاء، وهم لم يلقوا السلاح ضده إلاّ بعد ان انتصر عليهم في فتح مكة واطلق سراحهم وسمّاهم الطلقاء فهم لم يستقبلوا الاسلام برضى وقناعة، وانما هم مغلوبون إستسلموا لِلأمر الواقع بعد هزيمة منكرة، ثم يصبحون هم - لا غيرهم - خلفاء لسيد المرسلين صلّى الله عليه وآله وسلّم، ويقومون بقتل وتصفية ابناء خاتم الانبياء وملاحقتهم باسم الدين والخلافة ترى اية خلفية، أو خلفيات كامنة وراء ذلك؟! وأية خلفيات تكمن وراء تفجير الحسين السبط عليه السلام ثورته الكبرى؟

وهذا الكرّاس الذي بين يديك هو الحلقة السابعة من السلسلة الذهبية المستل من (المجلد السادس) لموسوعة المصطفى والعترة، عن حياة سيد الشهداء وأبي الأحرار الإمام الحسين بن علي (عليهما السلام) ملخصاً.

سائلا المولى القدير أن يتقبّل منّي هذا اليسير ويعفو عنّي الكثير فإنّه سميع بصير.

حسين الشاكري

الإمام الحسين في سطور
الإمام أبو عبدالله الحسين (عليه السلام)، سليل النبوّة، ووارث المرسلين، غنى عن التعريف، كعَلَم في رأسه نار، قائم بذاته، واذا استطال الشيء قام بنفسه، وصفات ضوء الشمس يذهب باطلا، فهو كالشمس في رابعة النهار، سبط النبي المصطفى وابن علي المرتضى ، وابن فاطمة الزهراء.

ولد عليه السلام بالمدينة المنوّرة لثلاث خلون من شهر شعبان اربع من الهجرة الشريفة، وفي بعض الروايات لخمس خلون منه، فلما ولد (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): هل سمّيته؟ فقال: ما كنت لاسبقك باسمه، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): وما كنت لاسبق ربي عزّوجلّ

باسمه، فاوحى الله عزّوجلّ الى جبرئيل (عليه السلام) انه قد ولد لمحمد ابن فاهبط اليه فهنّئه وقل له انّ علياً منك بمنزلة هارون من موسى، فسمّه باسم ابن هارون، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): وما اسمه؟ قال: شبير، قال: لساني عربي، قال: سمّه الحسين، فسمّاه.

صفته عليه السلام انه كان اشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

نقل ابن الصباغ المالكي([1]) روى البغوي بسنده يرفعه الى ام سلمة قالت: كان جبرئيل (عليه السلام) عند النبي والحسين (عليهم السلام) معي فغفلت عنه فذهب الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاخذه واجلسه على فخذه، فقال جبرئيل: اتحبه يا محمد؟ فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، فقال: اما ان امتك ستقتله، وان شئت اريتك تربة الأرض التي يقتل فيها، فبسط جناحه

الى الأرض وأراه أرضاً يقال لها كربلا، تربة حمراء بطف العراق.

فاما عن فصاحته، وبلاغته، وجوده، وكرمه، وشجاعته، فحدّث عنها ولا حرج، وقـد ذكرنا ذلـك مفصلا في المجلد السادس من موسوعة المصطفى والعترة، والمخصص لسيرته (عليه السلام) كلٌّ في بابه.

أولاده (عليه السلام):

1 - علي الأكبر: امّه ليلى بنت ميمونه ابنة ابي سفيان، وكان عمره الشريف يوم استشهد في كربلاء سبعاً وعشرين سنة، ولد في الحادي عشر من شعبان سنة ثلاث وثلاثين من الهجرة النبويّة([2]).

2 - علي بن الحسين - زين العابدين (عليه السلام) كنيته أبو محمد، امه شاه زنان بنت كسرى بن يزدجر بن شهريار،

ولد يوم الخميس الخامس من شعبان 38 هـ قبل استشهاد جدّه امير المؤمنين بستين([3]).

3 - علي بن الحسين الأصغر، قُتل مع أبيه بالطف، واُمّه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفيّة.

4 - جعفر بن الحسين، واُمه قضاعية وكانت وفاته في حياة أبيه الحسين (عليه السلام) ولا عقب له.

5 - عبدالله بن الحسين قتل مع أبيه صغيراً جاءه سهم وهو في حجر أبيه فذبحه.

6 - سكينة بنت الحسين شقيقة عبدالله واُمهما الرباب بنت امرئ القيس بن عدي.

7 - فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) واُمها ام اسحاق بنت طلحة بن عبيدالله التيميّة.

هذا ما ثبت عند الشيخ المفيد في سير الأئمّة

الأطهار ، وفي أعلام الورى بأعلام الهدى - للشيخ الطبرسي.

طغيان معاوية ويزيد

بعد شهادة أمير المؤمنين (عليه السلام) سنة أربعين من الهجرة، خَلا الجوّ لمعاوية واستفحل امرُه وطغى وتجبّر، وطمع في الإستيلاء على بقاع العالم الإسلامي كافّة بمكره ودهائهِ، فخطّط للهجوم على أطراف الكوفة قاعدة الخلافة الإسلامية الحقيقيّة، بعد أن أَنفذ ابن إرطاة بجيش كبير الى الحجاز واليمن وفعل الأفاعيل والجرائم التي يندى لها جبين الإنسانية([4]).

ولما هلك معاوية في النصف من رجب سنة 60 من الهجرة وكان عمره حينذاك خمسة وسبعين عاماً، كان يزيد في حوران، فأخذ الضحّاك بن قيس أكفانه ورقي

المنبر فأخبر الناس بهلاك معاوية وقال: هذه أكفانه فنحن مدرجوه فيها، ومدخلوه قبره، ومُخَلّون بينه وبين عَمَلِه، ثم هو البرزخ الى يوم القيامة، فمن كان منكم يريد ان يشهد] جنازته [فليحضر.

وقد اتخذ معاوية من بطانة السوء ممن لا يمتّون الى الإسلام بصلة، مثل سرجون الرومي مشاوراً له واميناً لسره وكاتباً له وغيرهم ممن لا حاجة لذكرهم للإختصار امثال عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، كما اتخذ من المنحرفين الذين ولاَّهم على رقاب المسلمين من ولاة السوء يعيثون الفساد في أهم الأقاليم والحواضر الإسلامية، أمثال عمرو بن سعيد بن زياد على مكة وزياد ابن أبيه ومن بعده النعمان بن بشير على الكوفة، وعبيدالله بن زياد على البصرة ومروان بن الحكم ومن بعده الوليد بن عتبة بن أبي سفيان على المدينة، وكتب يزيد إلى عمّال أبيه في البلدان يخبرهم بهلاك معاوية ويقرهم على أعمالهم.

وكتب الى عامله على المدينة خاصة كتاباً هذا نصّه، أما بعد([5]).

فان معاوية كان عبداً من عباد الله أكرمه واستخلصه ومكّن له ثم قبضه الى روحه وريحانه وعقابه، عاش بقدر ومات بأجل وقد عهد اليَّ وأوصاني بالحذر من آل أبي تراب لجرأتهم على سفك الدماء وقد علمت يا وليد أن الله تبارك وتعالى منتقم للمظلوم عثمان بآل أبي سفيان لأنهم أنصار الحق وطلاب العدل، فاذا ورد كتابي هذا فخذ البيعة على أهل المدينة، ثم أَرفق الكتاب بصحيفة «سريّة» صغيرة فيها، خذ الحسين، وعبدالله بن عمر، وعبدالرحمن بن أبي بكر، وعبدالله بن الزبير، بالبيعة أخذاً شديداً ومن أبى فاضرب عنقه وابعث برأسه إليَّ.

فبعث الوليد بن عتبة الى الإمام الحسين (عليه السلام) وعبدالله بن الزبير في ذلك الوقت من الليل فوجدهما يتعبدان في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأبلغهما الرسول بطلب أمير المدينة واستدعائهما، رجاء أن يغتنم الفرصة بمبايعتهما قبل الناس، فارتاب ابن الزبير من هذه الدعوة التي لم تكن في الوقت الذي يجلس فيه للناس([6])، وظن أنّ هناك أمراً هامّاً وخطيراً، فاستشار الإمام الحسين (عليه السلام)فقال يغلب على الظن أنّ معاوية هلك وجاء البريد يخبره ويريد منا البيعة ليزيد، وأَيَّد ذلك بما رآه في المنام عليه السلام من إشتعال النيران في دار معاوية وان منبره منكوس([7]).

وَوَضَّح لابن الزبير ما عزم عليه من ملاقاة الوالي الوليد في ذلك الوقت فأشار عليه بالترك حذار الغيلة، فعرّفه الإمام القدرة على الامتناع([8]) وصار إليه الحسين في ثلاثين([9]) من مواليه وأهل بيته وشيعته شاكين بالسلاح ليكونوا على الباب فيمنعوه إذا علا صوته([10]) ، وكان بيده قضيب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال لأصحابه إني داخل فان دعوتكم أو سمعتم صوتي قد علا فاقتحموا عليَّ بأجمعكم وإلاّ فلا تبرحوا حتى أخرج، فدخل وسلّم ومروان جالس عنده، وقال الإمام الصلة خير من القطيعة أصلح الله ذات البين وجلس، فلم يجيباه بشيء، فاقرأه الوليد الكتاب ونعى إليه معاوية ودعاه الى بيعة يزيد فاسترجع الإمام بقوله لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم، وقال: أمّا ما سألتني من البيعة ليزيد، فإنّ مثلي لا يعطي البيعة سرّاً ولا اراك تجتزي بها مني سرّاً دون أن تُظهِرها على رؤوس الناس، فَدَعْوتُهُمْ الى البيعةِ دعوتَنا معهم فكان أمراً واحداً، فقال له الوليد: أجل فانصرف على إسم الله حتى تأتينا مع جماعة الناس، وكان الوليد يحب العافية ولا يريد أن يورط نفسه مع بني هاشم وخاصّة مع الإمام الحسين (عليه السلام)، فقال له مروان: والله لَئِنْ فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتى تكثر القتلى بينكم وبينهم، إحبس الرجل ولا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه، فوثب عند ذلك الإمام الحسين (عليه السلام)فقال: يابن الزرقاء([11]) أنت تقتلني أم هو كذبت والله وأثِمْت، ثم قال: إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة ومهبط الوحي بنا فتح الله وبنا يختم، ويزيد رجل شارب الخمور، وقاتل النفس المحرّمة معلن الفسق، ومثلي لا يبايع مثله ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أينا أحق بالخلافة، ثم خرج فمر بأصحابه فخرجوا معه حتى أتى منزله، وفي رواية قصد مرقد جدّه الطاهر صلّى الله عليه وآله وسلّم لزيارته والشكوى إليه مما لاقاه من العنت والظلم وما سيلاقيه فسطع له نور من القبر([12]).

فقال: السلام عليك يا رسول الله أنا الحسين بن فاطمة فرخك وابن فرختك وسبطك الذي خَلّفتني في أمتك عليهم يا نبي الله أنهم خذلوني ولم يحفظوني وهذه شكواي اليك حتى ألقاك ولم يزل راكعاً وساجداً حتى الصباح وقال:

اللّهم انّ هذا قبر نبيّك صلّى الله عليه وآله وسلّم، وانا ابن بنت نبيّك وقد حضرني من الأمر ما قد علمت، اللهم إني أحب المعروف، وأنكر المنكر وإني أسألك ياذا الجلال والإكرام بحق هذا القبر ومن فيه إلاّ اخترت من أمري ما هو لك رضى ولرسولك رضى وللمؤمنين رضى([13]).

خروج الحسين (عليه السلام) من المدينة

تهيّأَ الإمام الحسين (عليه السلام) للخروج من مدينة جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وقد أوصى الى أخيه محمد بن الحنفيّة، الذي بقي في المدينة ما هذا نصّه: «بسم الله الرحمن الرحيم» هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن أبي طالب إلى أخيه محمّد بن علي المعروف بابن الحنفيّة «إنّ الحسين بن علي يشهد ان لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وانّ محمّداً عبده ورسوله جاء بالحق من عند الحق، وان الجنّة والنار حق، وان الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، إني لم أخرج اشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، واُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدّي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) وسيرة أبي علي بن أبي طالب فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردَّ عليَّ هذا صبرت حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق ويحكم بيني وبينهم وهو خير الحاكمين، هذه وصيّتي إليك يا أخي وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه أُنيب، والسلام عليك وعلى من اتّبع الهدى، ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم»([14]).

وخرج الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة متوجّهاً نحو مكّة ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب سنة ستين من الهجرة ومعه بنوه واخوته وبنو أخيه الحسن وأهل بيته([15])وهو يقرأ: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفَاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِيْنَ)([16]).

ولزم الطريق الأعظم، فقيل له لو تنكَّبت الطريق كما فعل إبن الزبير كيلا يلحقك الطلب، قال: لا والله لا افارقه حتى يقضي الله ما هو قاض.

دخل مكّة يوم الجمعة لثلاث مضين من شعبان وهو يقرأ:

(وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) فنزل دار العباس بن عبدالمطّلب، واختلف إليه أهل مكة ومن بِها من المعتمرين وأهل الآفاق، وابن الزبير ملازم جانب الكعبة ويأتي الى الحسين فيمن يأتيه وكان ثقيلا عليه دخول الحسين (عليه السلام)ومكوثه في مكّة لكونه أجلّ منه قدراً وأطوع في الناس، فلا يبايع له ما دام الحسين فيها، وطار البريد الى الحواظر الإسلامية حاملا معه خبر خروج الحسين من المدينة الى مكّة لا سيّما الكوفة والبصرة.

كتب اهل الكوفة الى الامام الحسين (عليه السلام)

وقال أبو مخنف: فحدّثني الحجاج بن علي عن محمد بن بشر الهمداني، قال: اجتمعت الشيعة في منزل سليمان بن صُرَدْ بالكوفة فذكرنا هلاك معاوية فحمدنا الله عليه فقال لنا سليمان بن صُرَدْ إن معاوية قد هلك وإن حسيناً قد تقبّضَ على القوم ببيعته وقد خرج الى مكة وأنتم شيعته وشيعة أبيه فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدو عدوّه فاكتبوا اليه وإن خفتم الوهَلَ والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه، قالوا: لا بل نقاتل عدوّه ونقتل أنفسنا دونه، قال: فاكتبوا إليه فكتبوا اليه: «بسم الله الرحمن الرحيم» للحسين بن علي من سليمان بن صُرَدْ والمسيب بن نجبة ورفاعة بن شداد وحبيب بن مظاهر وشيعته من المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة سلام عليك فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو، أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوّك الجبار العنيد الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها وغصبها فيأها وتأمّر عليها بغير رضى منها ثم قتل خيارها واستبقى شرارها وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها فبُعْداً له كما بَعُدت ثمود إنه ليس علينا إمام فأقبل لعلّ الله أن يجمعنا بك على الحق والنعمان بن بشير في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا نخرج معه الى عيد ولو قد بلغنا أنك قد أقبلت الينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام إن شاء الله والسلام ورحمة الله عليك».

قال: ثم سرحنا بالكتاب مع عبدالله بن سبع الهمداني وعبدالله بن وائل وأمرناهما بالنجاء فخرج الرجلان مسرعين حتى قدما على الحسين لعشر مضين من شهر رمضان بمكة ثم لبثنا يومين ثم سرحنا إليه قيس بن مُسْهر الصيداوي وعبدالرحمن بن عبدالله بن الكدن الأرحبي وعمارة بن عبيدالسلولي فحملوا معهم نحواً من ثلاث وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والأربعة.

قال: ثم لبثنا يومين آخرين ثم سرحنا اليه هاني بن هاني السبيعيّ وسعيد بن عبدالله الحنفي وكتبنا معهما: «بسم الله الرحمن الرحيم لحسين بن علي من شيعته من المؤمنين والمسلمين، أما بعد: فحيّهلا فإنّ الناس ينتظرونك ولا رأي لهم في غيرك فالعجَل والسلام عليك».

وكتب شبث بن ربعي وحجار بن أبجر ويزيد بن الحارث ويزيد ابن رُوَيم وعزرة بن قيس وعمرو بن الحجاج الزبيدي ومحمد بن عمير التميمي: «أما بعد فقد اخضر الجناب وأينعَت الثمار وطمت الجمام فإذا شئت فأقدم على جند لك مجنّدة والسلام عليك».

وتلاقت الرسُل كلّها عنده فقرأ الكتب وسأل الرسل عن أمر الناس فعندها قام الحسين (عليه السلام) فتطهّر وصلّى ركعتين بين الركن والمقام، ثم انفتل من صلاته وسأل ربّه الخير فيما كتب إليه أهل الكوفة، ثم جمع الرسل فقال لهم: إني رأيت جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)في منامي وقد أمرني بأمر وانا ماض لأمره، فعزم الله لي بالخير، أنه ولي ذلك والقادر عليه ان شاء الله تعالى.

ثم كتب - بعد ان تجمعت لديه خرجان من الرسائل - مع هانئ بن هانئ السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي وكانا آخر الرسل:

جواب الامام الحسين (عليه السلام)

وارسال مسلم الى الكوفة سفيراً

«بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي الى الملأ من المؤمنين والمسلمين، أما بعد: فان هانئا وسعيداً قدما عليَّ بكتبكم وكانا آخر من قدم عليَّ من رسلكم وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ومقالة جُلكم إنه ليس علينا إمام فأقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الهدى والحق وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي وأمرته أن يكتب إليَّ بحالكم وأمركم ورأيكم فان كتب إليَّ أنه قد أجمع رأى ملئكم وذوي الفضل والحِجَى منكم على مثل ما قَدِمَت عليَّ به رُسُلكم وقرأت في كتبكم أقدم عليكم وشيكا إن شاء الله فلعمري ما الإمام إلاّ العامل بالكتاب والآخذ بالقسط والدائم بالحق والحابس بنفسه على ذات الله، والسلام».

ثم طوى الكتاب وختمه ودعا بمسلم بن عقيل (عليه السلام)فدفع اليه الكتاب وقال له: اني موجّهك الى أهل الكوفة وهذه كتبهم إليَّ وسيقضي الله من أمرك ما يحب ويرضى، وأنا أرجو أن تكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامض على بركة الله حتى تدخل الكوفة، فإذا دخلتها فأنزل عند أوثق أهلها وادع الناس الى طاعتي وأخذلهم عن آل أبي سفيان، فاني رأيت الناس مجتمعين على بيعتي فعجّل لي بالخبر حتى أعمل على حسب ذلك ان شاء الله تعالى ثم عانقه وودّعه وبكيا جميعاً.

فأقبل مسلم بن عقيل (عليه السلام) حتى أتى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فصلّى ما طاب له وودّع من أحب من أهله ثم استأجر دليلين من قيس وخرج الى الكوفة في النصف من شهر رمضان سنة 60 هـ.

دخور مسلم الكوفة

ثم أقبل حتى دخل الكوفة لخمس خلون من شوّال فنزل دار المختار بن أبي عبيد وهي التي تدعى اليوم دار مسلم بن المسيب وأقبلت الشيعة تختلف إليه فلما اجتمعت إليه جماعة منهم قرأ عليهم كتاب الحسين (عليه السلام)فأخذوا يبكون فقام عابس بن أبي شبيب الشاكري فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني لا أخبرك عن الناس ولا أعلم ما في أنفسهم وما أغرُّك منهم والله أحدثك عما أنا موطِّن نفسي عليه والله لأجيبنكم إذا دعوتم ولاقاتلنّ معكم عدوّكم ولأضربنّ بسيفي دونكم حتى ألقى الله لا أريد بذلك إلاّ ما عند الله، فقام حبيب بن مظاهر الأسدي فقال: رحمك الله قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك ثم قال: وأنا والله الذي لا إله إلاّ هو على مثل ما هذا عليه، ثم قال الحنفي مثل ذلك، فقال الحجاج بن علي: فقلت لمحمد بن بِشْر فهل كان منك أنت قول؟ فقال: إن كنتُ لأحب أن يعزّ الله أصحابي بالظفر وما كنت لأحب أن أُقتل وكرهت أن أكذب، واختلفت الشيعة إليه حتى بلغ من بايعه ثمانية عشر ألفاً، فكتب مسلم بن عقيل الى الإمام الحسين (عليه السلام)يخبره بذلك ويطلب منه القدوم وكان على الكوفة يومئذ النعمان بن بشير الذي علم بميجيء مسلم وما آل إليه أمرُ الناس وهذا نصّ الكتاب:

«بسم الله الرحمن الرحيم، للحسين بن علي، أما بعد ! فان الرائد لا يكذب أهله وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر الفاً، فعجّل الاقبال حين يأتيك كتابي فانّ الناس كلّهم معك، وليس لهم في آل معاوية رأي ولا هوى، والسلام».

تحليل المجتمع الكوفي

وقبل الدخول في صلب البحث لابد لي أن أُبيّن المجتمع الكوفي المتفكّك وتركيبة عناصره.

ان ابن زياد لم يدخل بلداً متماسك القوى، متّحد الاتجاه، متّفقاً في الأهداف والآراء بل كانت الكوفة مركزاً للتجمّع، خليطاً من جميع القوميّات، من عرب، وفرس، ونبط، وغيرهم كما ان فيها من أهل الأديان المختلفة، والمذاهب والعقائد المتفرّقة، عدداً غير قليل فأصبحت مرتعاً خصباً لدسائس اليهود الذين سكنوا الكوفة أيام الفتح، والتحق فيهم من أجلاهم عمر بن الخطاب من المدينة وخارجها، كما ان للخوارج مركزاً اجتماعياً كبيراً أصبح بعد شهادة أمير المؤمنين، بالإضافة الى اتباع الحزب الحاكم من الأمويين وغيرهم ممّن يدين لهم بالولاء وعثماني الهوى.

اما الشيعة فلهم مكانة مرموقة اذ هم يمثلون جانب المعارضة للسلطة فهم قاعدة ثورية ينضم إليهم كل من يسأم الحياة تحت ظل الحكم الأموي.

الكوفة اُنشأت سنة 17 هـ أيام الفتح الإسلامي لتكون معسكراً ثابتاً للجيش الإسلامي، فكان المقاتلون يفدون اليها من أرجاء الجزيرة العربية فيقيمون في المعسكرات كجنود مدربين على أهبّة الاستعداد، لخوض المعارك عندما يداهم البلاد الاسلامية عدو، كانت تضم اكبر عدد وأقوى جند للحرب وهم ينتظرون صدور الأوامر بالخروج الى الغزو، أو امداد غيرهم من الجيوش الاسلامية في مختلف الأرجاء، وقد تدفق الجيش منها الى بلاد فارس وغيرها من البلدان التي فتحها المسلمون ، ولهذا كان الكوفيون يعتبرون أنفسهم هم الجيش الفاتح، وعلى عواتقهم ثم انتشار الاسلام، وبسواعدهم فتحت فارس والروم.

وكانت الكوفة من أول تأسيسها مقسمة الى سبعة مجاميع وذلك لحشر مقاتلة القبائل وفقاً للقيادات والتعبئة عند النفير والخروج للجهاد في المواسم، والاعطيات بعد العودة من قبل رؤساء الأسباع.

والتقسيم لم يكن حسب المحلات من البلد، بل قطعات قبلية بالنسبة الى النسب أو الحلف وهي كما يلي حسب ما جاء في تخطيط الكوفة وتاريخها:

1 - كنانة وحلفاؤهم، وكانوا يلقبون بأهل العالية.

2 - قضاعة وغسان، وبجيلة، وخثعم، وكندة، وحضرموت، وهم من اليمانيين وكانت السيادة فيهم لطائفتين وهما بجيلة ويرأسها جرير بن عبدالله البجلي وكان مقرباً للخليفة عمر وقد خصص لقومه عطاء سنوياً.

والقبيلة الثانية كندة وهي تحت امرة الأشعث بن قيس.

3 - مذحج، وحِمْيَر وهَمْدان وهي العناصر اليمانية.

4 - تميم، والرباب من العناصر المضرية التي لم يبق منها سوى تميم.

5 - أسد وغطفان، ومحارب، ونمير، من بكر بن وائل، وتغلب ومعظمهم من ربيعة.

6 - اياد، وعك، وعبدالقيس أهل الهجر الحمراء.

فبنو عبد القيس نزحوا من البحرين (الهَجر) تحت قيادة رئيس من سلالة ملكية، هو زهرة بن حوية السعدي أحد أعلام الفتح وأقطابه.

وأما الحمراء فكانوا حلفاء عبدالقيس وهم أربعة آلاف جندي فارسي يرأسهم رجل يسمّى ديلم، ولهذا عرفوا بِحُمر الديلم، هم الذين التجأوا الى سعد بن أبي وقاص بعد معركة القادسية من بقية جيش الفرس وتحالفوا مع عبدالقيس بعد معركة القادسية وقد لعب هذا الفيلق دوراً رئيسياً، وكان هو الجيش المقدم في عدة زياد وابنه عبيدالله كما انه السابق لحرب الحسين وقد باشر المعركة، وكان عدد أفراده أربعة آلاف وقيس خمسة آلاف تحت قيـادة عمـر بن سعـد وهم مجوس، أو حديـثي عهـد لا يعرفـون مـن الإسـلام شـيء، وكـان للخوارج نشاط في الكـوفة ولهـم مركـز اجتماعي بالاضافة الى وجود جاليات المجوسية واليهودية والنصرانية، ولها مصالحها الفعّالـة([17]).

وعلى هذا فالكوفة تتّصف بطابع الخلافات لضعف الروابط بين أهلها ولاختلاف العناصر والقوميّات المجوسيّة واليهوديّة والنصارى والفرس وغيرهم، وتحكم العصبيّات القبليّة مما جعل الخلافات بين العرب أنفسهم يزداد على مرّ الزمن ويتّسع باتساع البلد وكثرة السكان، بالإضافة الى نشاط الخوارج.

من كتاب له (عليه السلام) الى أشراف الكوفة
قبل خروجه من مكّة

كتبه الى الكوفة قبل خروجه

«بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى سليمان بن صُرَدْ والمُسىّ بن نجية ورفاعة بن شدّاد وعبدالله بن وائل وجماعة المؤمنين: أمَّا بعد، فقد علمتم أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد قال في حياته: من رأى سلطاناً جائراً مستحلا لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنَّة رسول الله، يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان ثمَّ لم يغيّر بقول ولا فعل كان حقيقاً على الله أن يدخله مدخله وقد علمتم أنَّ هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان وتولَّوا عن طاعة الرَّحمن، وأظهروا في الأرض الفساد وعطَّلوا الحدود والأحكام واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله، وحرَّموا حلاله، وأنّي أحق بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وقد أتتني كتبكم وقدمت عليَّ رسلكم ببيعتكم إنَّكم لا تسلمونني ولا تخذلونني فإن وفيتم لي ببيعتكم فقد أصبتم حظكم ورشدكم، ونفسي مع أنفسكم وأهلي وولدي مع أهليكم وأولادكم فلكم بي أُسوة وإن لم تفعلوا ونقضتم عهودكم ونكثتم بيعتكم، فلعمري ما هي منكم بنكر لقد فعلتموها بأبي وأخي والمغرور من اغترّ بكم فحظَّكم أخطأتم ونصيبكم ضيَّعتم (ومن نكث فإنَّما ينكث على نفسه وسيغني الله عنكم والسلام)»([18]).

خروجه (عليه السلام) من مكّة إلى العراق

وصول الحسين (عليه السلام) كربلا

لما بلغ الحسين (عليه السلام) ان يزيد بن معاوية أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر وأمّرهُ على الحاج وولاّه أمر الموسم، وأوصاه بالفتك بالحسين أينما وجده حتى لو كان متعلّقاً بأستار الكعبة، عزم على الخروج من مكّة قبل اتمام مناسك الحج واقتصر على أداء العمرة كراهة أن يغتال وأن تستباح به حرمة البيت([19]) بعد أن قدمت عليه كتب أهل العراق من الكوفة والبصرة، ولما علم الناس بعزم الحسين (عليه السلام) على السفر الى العراق أتاه كلّ من عبدالله بن عباس، وعبد الرحمن بن الحارث المخزومي، وعبدالله بن الزبير، وغيرهم، وسأله جماعة من أهل بيته أن يتريّث عن السفر حتى ينجلي له حال الناس خوفاً من غدر أهل الكوفة، وانقلابهم عليه([20])، ولكن «أبيّ الضيم» لم يسعه أن يصارح بما عنده من العلم والتصميم بمصير أمره لكل من قابله، لان الحقائق كما هي لا تفاض لاي متطلب بعد تفاوت المراتب واختلاف الأوعية سعةً وضيقاً فكان عليه السلام يجيب كل واحد منهم بما يَسَعُهُ ظرفه وتتحمله معرفته وحسب قصده ونيّته.

وصول الحسين (عليه السلام) كربلاء

لما وصل الحسين وأهل بيته وأصحابه كربلا، وكان نزوله في الثاني من شهر محرّم سنة احدى وستين من الهجرة، وأحاط جيش بن زياد بمخيم الحسين وتقاطرت عليه الكتائب من كل حدب وصوب ، رفع الحسين (عليه السلام) يديه الى السماء وقال: اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كلّ شدّة وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعدّة.

إلهي كم من همٍّ يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدوّ أنزلته بك وشكوته اليك رغبةً مني إليك عمّن سواك ففرجته وكشفته فأنت وليّ كل نعمة وصاحب كلِّ حسنة ومنتهى كل رغبة، يا أرحم الراحمين.

لما نزل الإمام الحسين (عليه السلام)، عرصات كربلا، قيل له انزل على حكم ابن عمّك، فقال:

والله لا اعطي الدنية من نفسي، لا والله لا اعطيكم اعطاء الذليل ولا اقرّ لكم اقرار العبيد.

بأبي أبيّ الضيم لا يعطي العدى***حذر المنيّة منه فضل قيادِ

بأبي فريداً أسلمته يد الردى***في دار غربته لجمع أعادي

ثم نادى: عباد الله اني عذت بربّي وربكم من كلّ متكبّر لا يؤمن بيوم الحساب.

فجمع (عليه السلام) ولده واخوته وأهل بيته ونظر اليهم وبكى وقال: اللّهم انا عترة نبيّك محمّد قد اُخرجنا وطُردنا واُزعجنا عن حرم جدّنا وتعدَّت بنو امية علينا، اللّهم فخذ لنا بحقّنا وانصرنا على القوم الظالمين.

واقبل على أصحابه فقال: الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على السنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم، فاذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون([21]).

ثم حمد الله واثنى عليه وصلّى على محمّد وآله وقال:

أمّا بعد فقد نزل بنا من الأمر ما قد ترون وان الدنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبر معروفها ولم يبق منها الاّ صبابة الاناء وخسيس عيش كالمرعي الوبيل، ألا ترون الى الحق لا يُعْمَل به والى الباطل لا يُتَناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله! فاني لا أرى الموت الاّ سعادة والحياة مع الظالمين إلاّ برما([22]).

فقام زهير وقال: سمعنا يا ابن رسول الله مقالتك ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنّا فيها مخلّدين لآثرنا النهوض معك على الاقامة فيها.

وقال برير: يا ابن رسول الله لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك تُقَطَّع فيك أعضاؤنا ثم يكون جدّك شفيعنا يوم القيامة([23]).

وقال نافع بن هلال: أنت تعلم ان جدّك رسول الله لم يقدر أن يشرب الناس محبّته ولا أن يرجعوا الى أمره ما أحب، وقد كان منهم منافقون يعدونه بالنصر ويضمرون له الغدر يلقونه بأحلى من العسل ويخلفونه بأمرّ من الحنظل حتى قبضه الله إليه وإن أباك علياً كان في مثل ذلك فقوم قد أجمعوا على نصره وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين حتى أتاه أجله فمضى الى رحمة الله ورضوانه، وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة، فمن نكث عهده وخلع بيعته فلن يضر إلاّ نفسه والله مغن عنه، فسر بنا راشداً معافى مشرِّقاً إن شئت أو مغرِّباً، فوالله ما أشفقنا من قدر الله ولا كرهنا لقاء ربّنا وإنا على نيّاتنا وبصائرنا، نوالي من والاك ونعادي من عاداك([24]).

وقال عليه السلام: موت في عز خيرٌ من حياة في ذل ، وكان يحمل على أعداء الله يوم الطف وهو يرتجز ويقول:

الموت خيرٌ من ركوب العارِ***والعار أولى من دخول النارِ

وما أروع ما قيل فيه تجسيداً لحالته المعصومة تلك:

يأبى له الله والعضب المذرّب***والنفس الأبيّة الا عزة وابا

وما أكثر ما قيل فيه من نظم ومن نثر مستخلصاً منه صدق التعبير بنزاهة معبر واخلاص فكان اخاذاً ولنسمع:

منعوه من ماء الفرات وورده***وأبوه ساقي الحوض يوم الجزاءِ

حتى قضى عطشاً كما اشتهت العدى***بأكف لا صيد ولا اكفاء

فأدب الطف مرآة خالصة البقاء لملحمة استشهاد خالصة من أي شائبة أخذته من معلّم الشهادة الاول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ونفّذَتْهُ مستلهمة صراط كل الذين أذهب الله عنهم الرجس في التطبيق.

وهذه الأبيات بعض مصاديق ما أقول:

من مبلغ المصطفى سبطاه قد قضيا***بالسم هذا وذا بالسيف منحورا

أوصى وأكّد في الدنيا وصيّته***فأوسعوا عهده نكثاً وتغييرا

لو كان جدّهما أوصى بظلمهما***لما استطاعوا لما جاؤوه تكثيرا

ثم انه عليه السلام اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضرية بستين الف درهم وتصدق بها عليهم واشترط عليهم أن يرشدوا الى قبره ويضيفوا من زاره ثلاثة ايّام، وكان حرم الحسين (عليه السلام) الذي اشتراه أربعة أميال في أربعة أميال، فهو حلال لولده ولمواليه وحرام على غيرهم ممن خالفهم وفيه البركة، وفي الحديث عن الصادق (عليه السلام) أنهم لم يفوا بالشرط([25]).

ولما نزل الحسين (عليه السلام) كربلاء كتب الى أخيه محمد ابن الحنفية وجماعة من بني هاشم: اما بعد فكأن الدنيا لم تكن وكأن الآخرة لم تزل والسلام([26]).

ابن زياد مع الحسين (عليه السلام):

وبعث الحر الى ابن زياد يخبره بنزول الحسين في كربلاء فكتب ابن زياد الى الحسين: أما بعد يا حسين فقد بلغني نزولك كربلاء وقد كتب إليَّ أمير المؤمنين يزيد أن لا أتوسّد الوثير ولا أشبع من الخمير أو اُلحقك باللطيف الخبير أو تنزل على حكمي وحكم يزيد والسلام.

ولما قرأ الحسين الكتاب رماه من يده وقال: لا أفلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق! وطالبه الرسول بالجواب فقال: ما له عندي جواب لأنه حقت عليه كلمة العذاب!

وسامته يركب احدى اثنتين***وقد صرّت الحربُ أسنانها

فإمّا يُرى مذعناً أو تموت***نفسٌ أبى العزّ إذعانها

فقال لها اعتصمي بالإبا***فنفس الأبيّ وما زانها

إذا لم تجد غير لبس الهوان***فبالموت تنزع جثمانها

يرى القتل صبراً شعار الكرام***وفخراً يزين لها شأنها

فشَمّر للحرب عن معرك***به عَرك الموتُ فرسانها

وأضرمها لعنان السماء***حمراء تلفح نيرانها

ركين وللأرض تحت الكماة***رجيف يزلزل ثهلانها([27])

وأخبر الرسول ابن زياد بما قاله أبو عبدالله (عليه السلام)فاشتد غضبه([28]) وأمر عمر بن سعد بالخروج الى كربلاء وكتب له ابن زياد عهداً بولاية الري وثغر دستبى والديلم([29])فاستعفاه ابن سعد ولما استرد منه العهد استمهله ليلته وجمع عمر بن سعد نصحاءه فنهوه عن المسير لحرب الحسين وقال له ابن اخته حمزة بن المغيرة بن شعبة: أنشدك الله ان لا تسير لحرب الحسين فتقطع رحمك وتأثم بربك فوالله لئن تخرج من دنياك ومالك وسلطان الأرض كله لو كان لك لكان خيراً لك من أن تلقى الله بدم الحسين([30]).

فقال ابن سعد: أفعل ان شاء الله وبات ليلته مفكراً في أمره وسُمع يقول:

أأتركُ ملك الري والريُّ منيتي***أم ارجع مأثوماً بقتل حسينِ

وفي قتله النار التي ليس دونها***حجاب وملك الري قرّة عيني([31])

وعند الصباح أتى ابن زياد وقال: انك وليتني هذا العمل وسمع به الناس فأنفذني له وابعث الى الحسين من لست أغنى في الحرب منه ، وسمى له أناساً من اشراف الكوفة.

فقال ابن زياد: لست استأمرك فيمن أُريد ان أبعث، فان سرت بجندنا وإلا فابعث الينا عهدنا، فلما رآه ملحاً قال: إني سائر([32]) فأقبل في أربعة آلاف وانضم إليه الحر فيمن معه ودعا عمر بن سعد عزرة بن قيس الأحمسي وأمره أن يلقى الحسين ويسأله عما جاء به فاستحيا عزرة لأنه ممن كاتبه فسأل من معه من الرؤساء أن يلقوه فأبوا لأنهم كاتبوه.

فقام كثير بن عبدالله الشعبي وكان جريئاً فاتكاً وقال: أنا له وان شئت ان أفتك به لفعلت قال: لا ولكن سله ما الذي جاء به، فأقبل كثير وعرفه أبو ثمامة الصائدي فقام في وجهه وقال: ضع سيفك وادخل على الحسين، فأبى واستأبى ثم انصرف.

فدعا عمر بن سعد قرّة بن قيس الحنظلي ليسأل الحسين، ولما أبلغه رسالة ابن سعد قال أبو عبدالله ان أهل مصركم كتبوا إليّ أن أقدم علينا فأما إذا كرهتموني انصرف عنكم.

فرجع بذلك الى ابن سعد وكتب الى ابن زياد بما يقول الحسين فأتاه جوابه: أما بعد فاعرض على الحسين وأصحابه البيعة ليزيد، فان فعل رأينا رأينا([33]).

خطبة ابن زياد:

وجمع ابن زياد الناس في جامع الكوفة فقال - بعد أن مدح معاوية وابنه يزيد - هذا ابنه يزيد يكرم العباد ويغنيهم بالأموال وقد زادكم في أرزاقكم مائة مائة وأمرني أن اوفرها عليكم واُخرجكم الى حرب عدوّه الحسين فاسمعوا له وأطيعوا.

ثم نزل ووفر العطاء وخرج الى «النخيلة»([34]) وعسكر فيها وبعث على الحصين بن نمير التميمي، وحجار بن أبجر، وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وأمرهم بمعاونة ابن سعد فاعتل شبث بالمرض([35]) فأرسل إليه أن رسولي يخبرني بتمارضك وأخاف أن تكون من الذين إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم إنما نحن مستهزؤن، فان كنت في طاعتنا فأقبل مسرعاً، فأتاه بعد العشاء لئلا ينظر الى وجهه فلم يجد عليه أثر العلّة ووافقه على ما يريد([36]).

وجعل عبيدالله بن زياد زجر بن قيس الجعفي على مسلحة في خمسمائة فارس وأمره أن يقيم بجسر الصراة يمنع من يخرج من الكوفة يريد الحسين (عليه السلام)، فمرّ به عامر بن أبي سلامة بن عبدالله بن عرار الدالاني([37])فقال له زجر: قد عرفت حيث تريد فارجع، فحمل عليه وعلى أصحابه فهزمهم ومضى وليس أحد منهم يطمع في الدنو منه فوصل كربلاء ولحق بالحسين (عليه السلام) حتى قتل معه وكان قد شهد المشاهد مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ([38]).

الحسين (عليه السلام) عند الكوفيّين:

ولم تزل الكراهية ظاهرة على الناس في قتال الحسين لانه ابن الرسول الأقدس وسيد شباب أهل الجنّه ولم تغب عن أذهانهم مصارحات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)وأبيه الوصي فيه وفي أخيه المجتبى وقد عرفوا فضله يوم أجدبت الكوفة وقحط الناس ففزعوا الى «ابي الحسن» فأخرج السبط الشهيد للاستسقاء وببركات نفسه القدسية ونوره المتكوّن من الحقيقة المحمديّة استجاب الله تعالى له وأرسل المطر حتى اعشبت الأرض بعد جدبها وهو الذي ملك المشرعة يوم صفين فسقى المسلمين بعد أن جهدهم العطش([39]) ولنبأ سقيه الحر والف فارس معه في تلك الأرض القاحلة حتى أرواهم وخيولهم، دوي في أرجاء الكوفة.

فهل يستطيع أحد والحالة هذه على مقابلته ومحاربته لولا غلبة الهوى والتناهي في الطغيان وضعف النفوس ولذلك كان الجمع الكثير يتسلل إذا وصل كربلاء ولم يبق إلا القليل فلما عرف ابن زياد ذلك بعث سويد بن عبدالرحمن المنقري في خيل وأمره ان يطوف في سكك الكوفة واحياء العرب ويعلن بالخروج الى حرب الحسين ومن تخلف جاء به اليه فوجد رجلا من أهل الشام قدم الكوفة في طلب ميراث له فقبض عليه وجاء به الى ابن زياد فأمر بضرب عنقه فلمّا رأى الناس الشر منه خرجوا جميعاً([40]).

بالاضافة الى الحواجز التي جعلها ابن مرجانة بأمرة زجر بن قيس الجعفي في خمسمائة فارس على منافذ الكوفة.

الجيـوش:

فخرج الشمر([41]) في أربعة آلاف ويزيد بن الركاب في ألفين والحصين بن نمير التميمي في أربعة آلاف وشبث بن ربعي في ألف وكعب بن طلحة في ثلاثة آلاف وحجار بن أبجر في ألف ومضاير بن رهينة المازني في ثلاثة آلاف ونصر بن حرشة في ألفين([42]) فتكامل عند ابن سعد لستّ خلون من المحرم عشرون ألفاً([43]) ولم يزل ابن زياد يرسل العساكر الى ابن سعد حتى تكامل عنده ثلاثون ألفاً.

وكتب ابن زياد الى ابن سعد: اني لم أجعل لك علّة في كثرة الخيل والرجال فانظر لا تمسي ولا تصبح إلا وخبرك عندي غدوة وعشية وكان يستحثه على الحرب لستّ خلون من المحرم([44]).

حشدت كتائبها على ابن محمد***بالطفّ حيث تذكّرت آباءها

الله أكبر يا رواسي هذه الأ***رض البسيطة زايلي أرجاءها

يلقى ابن منتجع الصلاح كتائباً***عقد ابن منتجع السفاح لواءها

ما كان أوقحها صبيحة قابلت***بالبيض جبهته تريق دماءها

المشـرعـة:

وأنزل ابن سعد الخيل على الفرات فحموا الماء وحالوا بينه وبين سيد الشهداء ولم يجد أصحاب الحسين طريقاً الى الماء حتى اضرّ بهم العطش فأخذ الحسين فأساً وخطا وراء خيمة النساء تسع عشرة خطوة نحو القبلة وحفر فنبعت له عين ماء عذب فشربوا ثم غارت العين ولم ير لها أثر فأرسل ابن زياد الى ابن سعد: بلغني أن الحسين يحفر الآبار ويصيب الماء فيشرب هو واصحابه فانظر إذا ورد عليك كتابي فامنعهم من حفر الآبار ما استطعت وضيّق عليهم غاية التضييق، فبعث في الوقت عمرو بن الحجّاج في خمسمائة فارس ونزلوا على الشريعة([45]) وذلك قبل مقتل الحسين بثلاثة أيّام([46]).

اليوم السابع:

وفي اليوم السابع اشتدّ الحصار على سيّد الشهداء ومن معه وسدّ عنهم باب الورود ونفد ما عندهم من الماء فعاد كل واحد يعالج لهب العطش، وبطبع الحال كان العيال بين أنّة وحنّة وتضوّر ونشيج ومتطلّب للماء الى متحر له بما يبل غلته وكل ذلك بعين «أبي عبدالله» والغيارى من آله والأكارم من صحبه وما عسى أن يجدوا لهم شيئاً وبينهم وبين الماء رماح مشرعة وسيوف مرهفة لكن «ساقي العطاشى» لم يتطامن على تحمّل تلك الحالة.

أو تشتكي العطش الفواطم عنده***وبصدر صعدته الفرات المفعم

لو استقى نهر المجرّة لارتقى***وطويل ذابله اليها سلم

لو سدّ ذو القرنين دون وروده***نسفته همّته بما هو أعظم

في كفّه اليسرى السقاء يقلّه***وبكفّه اليمنى الحسام المخذّم

مثل السحابة للفواطم صوبه***فيصيب حاصبه العدوّ فيرجم([47])

هنا قيّض أخاه العباس لهذه المهمّة في حين أنّ نفسه الكريمة تنازعه إليه قبل المطلب فأمره أن يستقي للحرائر والصبية وضم إليه عشرين راجلا مع عشرين قربة وقصدوا الفرات بالليل غير مبالين بمن وكل بحفظ الشريعة لأنّهم محتفون «بأسد آل محمّد» وتقدّم نافع بن هلال الجملي باللواء فصاح عمرو بن الحجّاج: من الرجل؟ قال: جئنا لنشرب من هذا الماء الذي حلأتمونا عنه.

فقال: اشرب هنيئاً ولا تحمل الى الحسين منه، قال نافع: لا والله لا أشرب منه قطرة والحسين ومن معه من آله وصحبه عطاشى.

وصاح نافع بأصحابه املأوا أسقيتكم فشدّ عليهم أصحاب ابن الحجّاج فكان بعض القوم يملأ القرب وبعض يقاتل وحاميهم «ابن بجدتها» المتربي في حجر البسالة الحيدرية «أبو الفضل» فجاؤوا بالماء وليس في أعدائهم من تحدّثه نفسه بالدنو منهم فرقاً من ذلك البطل المغوار فبلّت غلّة الحرائر والصبية الطيّبة من ذلك الماء([48]).

ولكن لا يفوتنا أن تلك الكميّة القليلة من الماء ما عسى أن تجدي اولئك الجمع الذي هو أكثر من مائة وخمسين رجالا ونساء وأطفالا، أو انهم ينيفون على المائتين، ومن المقطوع به انه لم ترو أكبادهم إلا مرّة واحدة فسرعان ان عاد اليهم الظمأ والى الله ورسوله المشتكى.

إذا كان ساقي الحوض في الحشر حيدر***فساقي عطاشى كربلاء أبو الفضل
السيد زكريا الهاشمي
السيد زكريا الهاشمي

عدد المساهمات : 166
نقاط : 404
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 16/12/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى